Bitcoin roulette

القائمة الرئيسية

الصفحات

الملك محمد السادس نصره الله ينهج "دبلوماسية الصحة" أمام الحرب الإفريقية على الوباء‎


الملك محمد السادس نصره الله  ينهج "دبلوماسية الصحة" أمام الحرب الإفريقية على الوباء‎


الملك محمد السادس نصره الله  ينهج "دبلوماسية الصحة" أمام الحرب الإفريقية على الوباء‎

تغيّر آنيّ في خريطة "دبلوماسية الصحة" على الصعيد العالمي، بفعل مخلّفات الأزمة الوبائية العابرة للمجالات، استغلّه المغرب لوضع بصمته على هذه الحركية الدولية ذات الصلة بالمساعدات الطبية، سعياً منه إلى البحث عن تموضع سياسي واقتصادي فعّال في مرحلة ما بعد انحسار فيروس "كورونا" المستجد.

وخلْخلت الأزمة الراهنة خريطة التحالفات الصحية في المنظومة الدولية؛ فلم تعد الولايات المتحدة الأمريكية، ومعها البلدان الأوروبية، تُهيمن لوحدها على دبلوماسية المساعدات الإنسانية، بل ظهرت فواعل منافسة تتغيّا الاستفادة من تداعيات الوباء، يأتي على رأسها كل من الصين وتركيا وروسيا، إلى جانب بعض البلدان الخليجية.

وبخلاف التوجه الدولي الذي يرى القارة السمراء "مفعولا به" بشأن السياسات الصحية، يأتي الاقتراح المغربي الداعي إلى إرساء مبادرة إفريقية لمواجهة "كوفيد-19"، قصد تحويل إفريقيا إلى فاعل في السياسة الدولية، من خلال العمل المشترك على جعل الوباء فرصة سانحة لتحقيق الصعود الإفريقي في المستقبل.

وهنا جسّدت المملكة مقترحها العملياتي عبر إرسال المساعدات الطبية إلى 15 دولة إفريقية، ما سيُشكل فرصة لفتح جسور شراكات لاحقة مع بلدان القارة، تبعاً لمنظور بعض الباحثين، وهو ما سيُترجمه إلى مكاسب جيواستراتيجية لاحقاً، لا سيما أن هذه الإمدادات الطبية مسألة بالغة الأهمية في قارة تعد الحلقة الأضعف في مواجهة "كورونا".

وتضم لائحة البلدان المتلقية للمساعدات الطبية، التي نُقلت على متن 24 طائرة من أسطول الخطوط الملكية المغربية، كلا من موريتانيا والسنيغال وجزر القمر والنيجر وتشاد وبوركينافاسو والكاميرون والكونغو وإسواتيني وغينيا وملاوي والكونغو الديمقراطية وغينيا بيساو وتنزانيا وزامبيا.

وبالنسبة إلى عبد الواحد أولاد ملود، الباحث في العلاقات الدولية والشؤون الإفريقية، فإن التعاون المغربي الإفريقي لدرء أزمة كورونا امتداد لتمتين أواصر الثقة وتحقيق مكاسب في المستقبل، وهو ما عبر عنه بقوله: "أصبح من البديهي، اليوم، الحديث عن امتداد أواصر التعاون المغربي الإفريقي، إذ أخذ المغرب على عاتقه جعل ما تعيشه القارة الإفريقية من أولويات السياسة الخارجية المغربية".

وأضاف أولاد ملود، في تصريح أدلى به لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "الإجراءات، التي تتخذها المملكة لصد مختلف الأزمات التي تمر منها دول العالم، نلاحظ أنها تنعكس إيجابا على الدول الإفريقية؛ وهو ما لاحظناه في السياسة المغربية لمحاربة الإرهاب وآفة الهجرة غير النظامية والأزمات الاقتصادية".

وأوضح محدّثنا أنه "كان للتدبير الداخلي المغربي وقع خاص على معظم دول القارة، بتسخير الخبرة والمساعدات المغربية لخلق نوع من التوازن داخل هذه البلدان، لا سيما في فترة تفشي الأزمات؛ وهو ما يكرس مقولة الملك الراحل الحسن الثاني "أن المغرب كتلك الشجرة جذورها في العمق الإفريقي وأوراقها في القطب الأوروبي".

لذلك، فإن "المساعدات الطبية والوقائية، التي قرر المغرب إرسالها إلى 15 بلدا إفريقيا من أجل مواكبة جهود هذه البلدان لمحاربة فيروس كورونا المستجد، ما هي إلا استمرارية لتفعيل العمل التضامني الذي أطلقته المبادرة الملكية في 13 أبريل من هذه السنة، باعتبارها نهجا لتقاسم التجربة المغربية مع جل الدول الإفريقية"، حسَب مصرّحنا.

وتابع شارحا: "فإذا ما نظرنا إلى طبيعة هذه المساعدات الطبية التي تتكون من كمامات وأقنعة وقائية وأغطية وستر طبية والمطهرات الكحولية وعلبة لأدوية الكلوروكين والأزيتروميسين، فإنها تستجيب لمتطلبات المرحلة الوبائية من ناحية، وكذلك أن هذه المساعدات هي صنع مغربي صرف يستجيب لمعايير منظمة الصحة العالمية، وهذا مكسب اقتصادي مغربي للاستثمار في البلدان الإفريقية مستقبلا من ناحية أخرى".

وفق هذا المنظور، أكد الباحث في الشؤون الإفريقية أن "طبيعة المرحلة تبقى راهنية بما تعيشه دول العالم من انعكاسات أزمة كورونا، وما نعاينه عن كثب من انكباب دول أوروبا على نفسها للخروج من الأزمة، وكذلك ما يعيشه المجتمع الأمريكي من تصدعات، وتصارع القوى الدولية لبسط مكانتها اقتصاديا، دون تجاوز تمظهرات تشنج العلاقة المغربية الجزائرية".

وأبرز المصدر عينه أن "كل هذا يؤثر بشكل أو بآخر على تصدي الدول الإفريقية لأزمة كورونا، حيث تصارع لوحدها للخروج من تبعات هذه الآفة، وهو ما فطن إليه المغرب الذي نظر "للجار قبل الدار"، في خطوة تسعى إلى تمتين روح التعاون والتضامن مع بلدان القارة؛ فالدعوة الملكية "أن المغرب هو إفريقيا وإفريقيا هي المغرب" لم تأتِ عن فراغ، بل أصبحنا اليوم أمام تحديات عصرية تفرض على الجميع بتكريس الاعتماد المتبادل والتركيز على المشترك للتغلب عن الأزمات".

مجمل القول عند أولاد ملود أن "ما قام به المغرب في هذه الفترة سيجني ثماره مستقبلا، سواء بالتركيز على العائد الاقتصادي أو السياسي، على الرغم من أن هناك خصوما ستزيد مناوراتهم لكسر شوكة المغرب قاريا، ومحاولة تقزيم هذا التضامن المبني على روابط تاريخية مع العمق الإفريقي".