Bitcoin roulette

القائمة الرئيسية

الصفحات

مغاربة العالم، ما الذي يُقلقنا بعد سنة من خطاب 20 غشت 2022

 

مغاربة العالم، ما الذي يُقلقنا بعد سنة من خطاب 20 غشت 2022


مغاربة العالم، ما الذي يُقلقنا بعد سنة من خطاب 20 غشت 2022



في كلمة وجيزة ومختصرة، أكثر ما يُقلقنا هو: مَنْ يُفعل قرارات الملك وخُطبه؟ مَنْ هم المسؤولين عن التهاون والتقاعس عن توجيهات الملك؟ من تَقع عليه تَبعةُ الإهمال والتقصير فيما يخص  حقوق ومتطلبات جالية المواطنين المغاربة بالخارج؟. بعد سنة من الزمن خاطب جلالة الملك شعبه الوفي في ذكرى 69 لثورة الملك والشعب، تضمن كلامه وبصفة إستثنائية حزمة من الرسائل والمقترحات والتساؤلات تمس حياة مغاربة العالم مباشرة، وتأخذ بعين الإعتبار خطوات إصلاحية مركزة وتوجيهات عملية وواضحة.

فالإصلاحات التي تبناها جلالة الملك نصره الله منذ إعتلائه العرش العلوي قائمة على الواقع والطموح، بمعنى اخر، هي الطريق التي قطعناها للوصول إلى المستوى المنشود، لدولة  حديثة ومدنية أساسها سيادة القانون. فأصبح المغرب يتوفر على مؤسسات قوية وفاعلة، وسلطات مستقرة وتشريعات راسخة وسلطة قانون قائمة باسم الدستور؛ لكن على جميع هذه الأصعدة، نحن بحاجة للإصلاح والتطوير، وتفعيل القوانين، وسد الثغرات في الممارسة، وهي كثيرة، وقد أشارجلالة الملك لبعض مظاهرها أمام نواب الشعب، والتي تحولت إلى ظاهرة عامة مقلقة وخطيرة؛ حيث قال جلالته في 13 أكتوبر 2017 "ولكن الوضع اليوم، أصبح يفرض المزيد من الصرامة، للقطع مع التهاون والتلاعب بمصالح المواطنين".

كثيرون من المواطنين يتسائلون بعد كل خطاب لجلالة الملك؛ ما الذي يحول دون تطبيق وتنزيل توجيهات الملك، والتي يدعمها الشعب المغربي قاطبة، إلى سياسات وقرارات وقوانين؟ فأغلب المغاربة باتوا يدركون، أكثر من أي وقت مضى، أهمية الدولة وسيادة القانون. هذا التساؤل؛ إذا لم تتعامل معه مؤسسات الدولة، بجدية بالغة؛ وإذا لم تتجاوب معه سلطات الدولة، التنفيذية والتشريعية والقضائية، بعزم  ثابت وقوي، سيبادر الإنتهازيون واعداء المغرب إلى توظيفه للطعن بمصداقية الطروحات ذاتها، والتقليل من شأنها. لهذا السبب ندعوا مؤسسات الدولة إلى ترجمة الأفكار التي طرحها جلالة الملك إلى واقع ملموس.

جلالة الملك في خطابه لـ 20 غشت 2022،  لم يترك المفاهيم التي طرحها مجردة ونظرية، فقد دخل في التفاصيل، وعرض الخطوات الواجب اتخاذها على كل صعيد، جلالته وفر لمؤسسات الدولة الغطاء الكامل والدعم اللازمين، وأطلق كّوْم إصلاحي شامل للإدارة وللمؤسسات المتعلقة بمغاربة العالم، حيث وجه رسالة واضحة للحكومة لمراجعة التشريعات الناظمة للحياة السياسية والبرلمانية لتأخذ بعين الإعتبار خصوصيات ومتطلبات مغاربة العالم.  

فمن أجل تكريس مبادئ الديمقراطية وترسيخ جوهر الدولة المدنية، على جميع المسؤولين تطبيق القانون والإمتثال للتوجيهات الملكية السامية، من دون إنتقائية أو تحريف، لأنه من الخطورة بمكان أن يستقر الأمر بأن هناك مساحة واسعة بين أفكار الملك وتصرفات مؤسسات الدولة والطريقة التي تدير بها شؤون المواطنين. العمل على تضييق المساحة، يعني العمل وبشكل مدروس على تمثل هذه الأفكار والمبادئ في الممارسة، واختيار القيادات التنفيذية المؤمنة بها، وتمكين المؤسسات المعنية بفرض سلطة القانون، ومحاسبتها إذا ما قصرت أو تهاونت.

فالتطبيق الدقيق لخطاب 20 غشت 2022، لا يحدث حاليا؛ فكثيرا ما يخضع الأمر لاعتبارات سياسية أو جهوية وشخصية، فيفلت نافذون من المساءلة والمحاسبة، وتعجز سلطة القانون عن الوصول إليهم. جلالة الملك كذلك في خطابه لـ 29 يوليوز 2017 قال: "شعبي العزيز، إني ألح هنا، على ضرورة التفعيل الكامل والسليم للدستور. كما أؤكد أن الأمر يتعلق بمسؤولية جماعية تهم كل الفاعلين، حكومة وبرلمانا، وأحزابا، وكافة المؤسسات، كل في مجال اختصاصه".  نكاد نجزم بأن القراءة العميقة لهذا الفقرة تجعلنا نستشف بالفعل أنها تحمل رسائل واضحة إلى أشخاص بأعينهم؛ حيث لا يمكن الفصل بين سيادة القانون، ونزاهة وكفاءة المؤتمنين على تطبيقه. في هذا الباب ثمة إشكاليات ظاهرة، ولا بد من معالجتها بطريقة حاسمة، لنضمن عدم توظيف القائمين على سلطة القانون نفوذهم لمصالح شخصية.

وفي كلمة أخيرة، وكما أكدها جلالة الملك نصره الله في خطاب 20 غشت 2022 ثم قال: " وفي الأخير، وبالنظر للتطلعات المتجددة لمغاربة العالم، فقد حان الوقت لتحديث وتأهيل الإطار المؤسسي، الخاص بهذه الفئة العزيزة من المواطنين. ويجب إعادة النظر في نموذج الحكامة، الخاص بالمؤسسات الموجودة، قصد الرفع من نجاعتها وتكاملها". لكن وللاسف الشديد، انهيار قيم الضمير المهني بسلطات الدولة، وانتشار الواسطة والمحسوبية بمؤسسات الدولة، والتنمر على الأجهزة المعنية بتنفيد القانون، حال دون تنزيل أفكار جلالة الملك. ومن المحزن  بكثيرأن إدارة صناعة القرار والمؤثرون فيه لا تتوافر فيهم جميعا خدمة الصالح العام، ثمة مجموعات مكبلة بالمصالح الضيقة وأسيرة لثقافة (باك صاحبي)، وفريق آخر أضعف من أن يواجه ضغوط ومتطلبات مغاربة العالم.  

ولا يفوتني هنا، وهي بمثابة دعوة إلى حكومة السيد أخنوش، بأن تعكف ومن اللحظة على وضع خطة محكمة ومدروسة للتعامل مع المرحلة الحالية لمتطلبات مغاربة العالم طبقا لأحكام دستور 2011 في فصوله (16-17-18 و163)؛ وعليها كذلك عقد خلوة للفريق الوزاري للتفكير ملياً بما يتوجب عمله لضمان تحقيق الأهداف المنشودة في خطاب جلالة الملك الأخير في ذكرى 69 لثورة الملك والشعب.  

الرباط في 21 غشت 2023

ذ. علي زبير

محلل سياسي باحث في شؤون الهجرة

رئيس المؤسسة الوطنية لأطر وكفاءات مغاربة العالم

مغاربة العالم، ما الذي يُقلقنا بعد سنة من خطاب 20 غشت 2022







تعليقات