Bitcoin roulette

القائمة الرئيسية

الصفحات

أزيلال.. حين يتفق الفقر والثلج والبنية التحتية الهشة على محاصرة مواطنين مهمشين

 

 أزيلال.. حين يتفق الفقر والثلج والبنية التحتية الهشة على محاصرة مواطنين مهمشين


أزيلال.. حين يتفق الفقر والثلج والبنية التحتية الهشة على محاصرة مواطنين مهمشين


في 2 دجنبر 2020 شهد مقر عمالة إقليم أزيلال اجتماعا ترأسه عامل الإقليم ورئيس المجلس الإقليمي، أُعلن أن الهدف منه هو العمل على فك العزلة التي تُهدد سكان قرى المنطقة ومناقشة التدابير الاستباقية التي سيجري اتخاذها من أجل مواجهة موجة الثلوج، غير أن هذه الخطوات لم تكن كافية لإنقاذ المواطنين هناك من "حصار" جديد كشفت قساوته صرخة الطفل "عبد السلام" الذي نشر فيديو على "الفيسبوك" لخص فيه خلال دقيقة واحدة، وبكلام عفوي، قساوة الحياة على أرض الواقع وسط بياض الثلج.


وظهر الطفل وسط أكوام الثلوج التي حاصرت منطقة "آيت عباس" بإقليم أزيلال، وهو يغالب لكنته الأمازيغية محاولا بعث رسالة بالدارجة عبر منصات التواصل الاجتماعي، يطلب من خلالها مساعدة أهالي قريته بالملابس والأحذية والأغطية بعدما تكالبت عليهم برودة الطقس والبنى التحتية الضعيفة والمُغلقة والفقر المدقع، وهو الأمر الذي أعاد إلى الأذهان صور مناطق أخرى في شمال ووسط المملكة عانت من كابوس الثلوج خلال السنوات الماضية، دون أن تنجح الحكومة إلى اليوم في إيجاد حل جذري ينهي معاناتها.


ولأن الحلول التي تقدمها السلطات المحلية تكون عادة آنية مرتبطة بتوقيت حدوث المشكلة وليست جذرية، فإن المعتاد بالنسبة للعديد من الدواوير هو تكرار سيناريو "حصار الثلوج" كل سنة، مثلما يحدث حاليا في جماعة "بين الويدان" التابعة بدورها لإقليم أزيلال، والتي أطلق بعض سكانها دعوات لإنقاذهم من معاناتهم عبر رسائل مكتوبة قاموا بنشرها عبر تطبيق واتساب يدعون فيها السلطات المختصة وجمعيات المجتمع المدني لمد يد المساعدة لهم.


معاناة تتكرر


الغزواني الموس، هو أحد سكان دوار "تيريزان" بالجماعة المذكورة، تمكنت "الصحيفة" من التواصل معه لتقريب قرائها من واقع المنطقة حاليا، وذلك بعد محاولات أخرى غير ناجحة للتواصل مع فاعلين جمعويين بالإقليم، حيث إن انقطاع تغطية الهاتف والانترنت إحدى أبرز معالم العزلة التي تعيشها المنطقة خلال فصل الشتاء، الأمر الذي يؤكده الغزواني نفسه والذي يؤكد أن التواصل مع العالم الخارجي خلال هذه الفترة من السنة يصبح حلما صعب المنال بالنسبة للمئات من الأسر.


ويقول المتحدث نفسه إن القرية التي يقطن فيها عاشت لأيام عزلة قاسية زاد من حدتها انقطاع الطريق التي لم تُفتح إلا يوم أمس بفضل تدخل السلطات المحلية، لكن ذلك لا يعني أن معاناة السكان قد انتهت، فهؤلاء لا زالوا في حاجة إلى المواد الغذائية ومواد التدفئة التي انقطعت عنهم، وما يزيد الطين بلة، وفق الغزواني، هو حالة الفقر المدقع التي تعيش فيها الأسر والتي تنام كل ليلة على أمل قدوم متطوعين في اليوم الموالي يخففون عليها بعضا من معاناتها.


وحسب شاهد "الصحيفة" فإن السكان يحتاجون حاليا إلى الأغطية والملابس الثقيلة، التي أصبحت حياتهم تقف عليها بسبب البرد القارس والأبنية البسيطة والمتقادمة لمنازلهم التي لا توفر لهم الحماية اللازمة من قساوة الطقس، موردا أن الأمر يتكرر كل سنة ورغم أنه أضحى متوقعا إلا أن قصر ذات اليد والبنى التحتية الضعيفة التي تتوفر عليها الجماعة بالإضافة إلى الموقع النائي الذي توجد به القرى لا تترك للسكان مجالا واسعا للتحرك فيكتفون بطلب المساعدة متى ما حاصرتهم الثلوج.



جهود غير كافية


ويعي صناع القرار إقليميا هذا الواقع، وهو ما يبدو من خلال تحركات عامل الإقليم، محمد العطفاوي، قبل أكثر من شهر حينها أعلن عن تجنيد فرق إزالة الثلوج وفتح الطرق وتوزيع حطب التدفئة والمواد الغذائية على المؤسسات التعليمية وفسح المجال أمام الفرق الإغاثية والطبية للوصول إلى قرى الإقليم، بالإضافة إلى الشروع في حملات تحسيسية في صفوف السكان لتعريفهم بكيفية مواجهة تقلبات الطقس، غير أن كل ذلك لم يُنجِ المنطقة من حصار جديد بسبب التساقطات الثلجية الكثيفة.


وترى النائبة البرلمانية عن حزب الأصالة والمعصرة، ابتسام العزاوي، أنه يجب التركيز على تطوير البنى التحتية من أجل تفادي تكرار هذه المشاهد التي تعاني منها بعض المناطق القروية بشكل سنوي، موردة أن هناك "عملا مهما جدا ومجهودات كبيرة يجري القيام بها على المستوى اللوجيستي وعلى مستوى تعبئة الموارد البشرية والمواد الطبية، لكن لا تزال هناك حاجة لبذل الكثير من الجهود لمواجهة معاناة السكان من آثار الثلوج".


حالات إنسانية مستعجلة


وتقول النائبة البرلمانية في حديثها لـ"الصحيفة" إن لجان اليقظة والتتبع في عدة أقاليم، تقوم سنويا، بشراكة مع القطاعات المعنية بالتدابير الاستباقية لمواجهة آثار موجة البرد في فصل الشتاء، خصوصا في المناطق الجبلية التي تشهد تساقطات ثلجية كثيفة تؤدي في الكثير من الأحيان إلى حالة من العزلة، غير أن الملاحظ هو وجود حالات إنسانية مستعجلة تتطلب التدخل السريع من أجل القيام بعمليات فك العزلة عن العديد من الدواوير التي تصبح محاصرة بعد التساقطات.


وإجمالا، تقول العزاوي، إن هناك "تقدما في عمليات فك العزلة من سنة إلى سنة، وهناك مجهودات محمودة يتم القيام بها من أجل عدم تكرار هذا السيناريو في العديد من الأقاليم، إلا أن مستوى الانتظارات يبقى أعلى مما هو كائن"، في إشارة إلى معاناة العديد من المواطنين بتلك المناطق من الافتقار للخدمات الأساسية بسبب محاصرة الثلوج لتجمعاتهم السكنية، ما يفرز مصاعب قاسية.


وترى العزاوي أن المجتمع المدني يقوم بمجهودات كبيرة تساهم بشكل واضح في مساعدة المتضررين، لكنه يحتاج لتنسيق أكبر من أجل ضمان فعالية قصوى لحملاته الإنسانية والتي تمكن سكان تلك القرى من التوصل بالملابس والأغطية والمواد الغذائية ومواد التدفئة، وهو العمل الذي يساهم في تخفيف الضغط على الجهات المعنية.

تعليقات